ورحام هذا هو الذي اشتهر في الكتب العربية ببخت نصر الذي تولى العرش فيما بعد، وسمي من خلفوه من سلالته من الملوك بالجوران. ومنقوش على بعض الاحجار في بيستون بقصر شيرين أن " جودرز بن كيو " هذا كان شخصاً حقيقياً.
فعلى كل حال أن الأمة الكردية الحالية بشعوبها الأربعة، كرمانج، كوران، لور، كلهر، من أقدم الأمم الآرية التي أنشأت حضارو زاهية في هضبة ايران والبلاد المحيطة بها. وبذلك سادت على سائر أخواتها من القبائل الآرية الأولى وأصبحت لغتها الكردية لغة عامة تتكلم بها جميع تلك القبائل والأمم، في الأمبراطورية الممتدة من منابع دجلة والفرات، لغاية خليج فارس. وكانت عاصمة هذه الأمبراطورية " آكباتان " في جهة كرمنشاه، وسميت هذه اللغة حينئذ بلغة الهلوان أو البهلوانان أي لغة الأبطال. ولا شك في أن هذه مترجمة عن كلمة الجوتو أو الجاردو بمعنى المحارب والبطل.
ويؤيد هذا ايضاً معنى كلمة البطل في الفارسية هو " كرد " كما ورد في كتاب شهنامة للفردوسي. كما انه لا يزال بين القبائل الكردية في كل انحاء كوردستان اعتقاد عام بأن لفظ الكرد لم يطلق على هذا الشعب إلا لفرط الشجاعة والبسالة اللتين امتاز بهما في كل أدوار التاريخ
وهناك دليل آخر على أن الكرد من الأقوام الآرية القديمة وهو أن الدين الوطني الرسمي في كوردستان لغاية انتشار الاسلام كان " دين زردشت " الذي لم يعرف إلا بين الأقوام الآرية، إذ كان ديناً وطنياً عاماً بين الآريين قاطبة. وبالرغم من مرور عصور مديدة على انقراض هذا الدين، فلا يزال يوجد في أنحاء كوردستان من هم متمسكين به ويبلغ عددهم نصف مليون شخص.
وقد انتشر الاسلام في كوردستان على يد خالد بن الوليد وعياض بن غنم الصحابيين الشهيرين. ولا يفوتنا أن نذكر ان الكرد بذلوا بعد ذلك مهجاً ونفساً في سبيل المحافظة على الاستقلال والحرية اللذين يعشقونهما بالفطرة، حتى في زمن العباسيين. فمن ذلك حصلت معارك دموية في كوردستان الشمالي في سبيل الاستقلال في سنتي 888 و 905م. ولا ريب في أن العصر الذهبي للأكراد في القرون الوسطى هو عصر السلطان صلاح الدين الايوبي مؤسس الدولة الكردية الاسلامية في أكثر بقاع الشرق الادنى من الأقطار والمماليك، أي الممتدة من جنوبي القفقاس الى صنعاء اليمن شمالاً وجنوباً، ومن وادي دجلة الى طرابلس الغرب شرقاً وغرباً.
في عهد اجتياح التتر والمغول البلاد الاسلامية من الشرق الى الغرب وتدميرهم معالم الحضارة والمدنية، اجتيحت البلاد الكردية كسائر الحكومات والبلاد الاسلامية، وخاضوا معارك دموية ضارية ضد هؤلاء الغزاة والحقوا بهم خسائر جسيمة وردوهم على اعقابهم وحافظوا على استقلالهم الداخلي.